تصنيفات المقال:
المقالات
تاريخ النشر: 1 ذو القعدة 1429هـ الموافق 30 أكتوبر 2008م
عدد الزيارات: 116
قراءة فى الواقع العربى الخليجى
لاسيما بلاد الحجاز
المقدمة
أذكر القراء الكرام بأن هوية الأمة تتركز فى الحفاظ على
1. الدين
2. اللغة
لقد كان آخر عهدى بالديار الحجازية منذ ثمانى سنوات ، وكنت فى الحرمين القدسيين أدقق فى هوية الأمة من خلال رصد هذين الأصلين ، فى البداية رأيت التنوع اللغوى الهائل ما بين اللهجات العربية التى بعضها يقترب من العربية الصحيحة لحد ما ، إلى هذه اللهجات العربية التى ربما لا تفهم إلا بعض الكلمات التى تمثل بعدا دينيا موقفيا تعبيريا مثل " السلام عليكم ، جزاك الله خيرا ، الله يوفقك ..." إلى لهجات بلاد الهند والبنغال وأفريقيا وآسيا الصغرى وأصحاب اللسان الأوروبى فى أوروبا وأمريكا وغيرهما ...
وعلى المستوى الدينى كان هناك انضباط دينى دهشنى من خلال أفراد الأمن الملتزمين المؤدبين ، ومن خلال هيئات الحرمين الشرفين مثل التوجيه وتوزيع الكتب والكتيبات ، وعقد اللقاءات والندوات ، ووجود أفراد يندسون ببين جموع المعتمرين يبصرونهم الدين ويوقفونهم على بعض المخالفات والمحاذير ، هذا كان سواء عند الذكور والإناث ، فأفراد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يطوفون أمرين ناهين ، هذا كله كان فى أدب ولطف.
نعم ، كان هذا منذ ثمانى سنوات ، وعندها قلت إن هذا الإنفلات اللغوى اللسانى قد لا يكون مشكلة فى ضوء سيادة الدين وعلو رسم الشريعة ، لذا لم أهتم بالمواقف اللغوية التى عصرت قلبى آنذاك ، وكم كنت أحزن لأنى لا أستطيع أن أخاطب غير العرب ، لكن بأى لهجة مطلوب منى أن أتعلم لأعلم أو لأدعو ؟!! قلت : مَرَّرت هذا الانفلات اللغوى لما ظننته قوة الدين ودافعيته ، وحاولت أن أقنع نفسى بأن الدين غالب ، وحشدت أمثلة على ذلك ، مثل بلاد الفتح عندما كان اللسان لسان البلاد الداخلة الإسلام ، لكن الدين هو غالب ، فكانت الغلبة للدين .
لكن ظلت فترة وأنا أفكر فى آليات وأساليب استعادة المسلمين نموهم ومجدهم فلم أجد إلا التركيز على الهوية ، التركيز على هذين الأصلين
1. الدين
2. اللغة
وازداد يقينى أن أمة تريد عزها وشرفها لا تعتمد على هذا إلا وهى أمة منكوبة قال تعالى مشيرا إلى ذلك { لقد انزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم } وقال تعالى { وأنه ـ أى الوحى ـ لذكر لك ولقومك }والمقصود بالذكر هنا " الشرف والسيادة " واللغة وعاء الدين لا يمكن فصل أحدهما عن الأخر ، قال تعالى { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه ، فريق فى الجنة وفريق فى السعير }
فقضية " اللغة" وارتباطها بالدين مقررة شرعا وعرفا ؛ لذا كان " المخربون " ومن الذين عرفوا فى بلادنا بـ"المستعمرين" !! أعظم عقلا وأوفر حظا عند دراسة واقع المسلمين للوقوف على هذا الارتباط ؛ فالمخربون الفرنسيس عندما دخلوا ديار مصر فى القرن الثامن عشر ـ اصطحبوا معهم علماء اللغات والآثار والآداب والفنون وغيرهم ممن يسميهم العلمانيون بـ"علماء الحملة الفرنسية " ويعدونهم طلعية النهضة المصرية الحديثة !!لماذا؟ للتعرف من قرب على مدى العلاقة عند المسلمين بين "اللغة" و"الدين" وهكذا يتحقق لهم المراد ، وكان ما كان من " أنجلة مصر والعراق وغيرهما ، وفرنسة المغرب والجزائر وتونس "
لقد كان " المخربون " الفرنسيس ثقافيا ولغويا أقوى من نظائرهم الانجليزين ؛ لذا كان نجاحهم باهرا فى البلاد التى استولوا عليها ، فانظر إلى الأمة "اللسان الجزائرى" أو اللسان البنانى " مقارنة "باللسان المصرى" لتعرف إلى أى مدى نجح المخربون الفرنسيس فى إفساد "اللغة" فى المجتمعات التى ابتليت بهم !! هذه الملاحظة طبقها المخربون الكفار فى كل المناطق الإسلامية التى وقعت تحت سيطرتهم فى المشرق او المغرب ، ولعل المحاولات الأولى التى نجحوا فيها وأطمعتهم فى المزيد : محاولة " إيزابيلا و فردنياند " فى القضاء على الهوية الإسلامية للأندلس بالقضاء على
1. الدين
2. اللغة
وكان لهم ما أردوا إلى اليوم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله
إنه لابد من تقرير هذا ، لأن تقريره مفيد فى بناء ما أريد أن أقصه عليكم ، وهذا ما سأتركه فى المقالة القادمة ـ والله المستعان ـ وإلى لقاء أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته